إن أبرز مشاكلنا السلوكية و الاجتماعية
تبدأ في مجتمعاتنا مبكراً , مبكراً جداً ... فنحن نستقبل أطفالنا بعبارات ((كخه يا
بابا )) أو (( أح يا ماما )) , و ((عيب )) حتى ينبت الشعر في شواربهم .
هذه العبارات التي ترافق
أطفالنا سنوات طويلة جعلت الكثيرين منهم لا يجيدون الحديث و ارتكاب الأسئلة . تبدو
جُملهم ناقصة وكأن أرتالاً من الفئران الشرهة انقضّت عليها بأسنانها الحادة . في
حين تبدو جمل الأطفال الآخرين أكثر دهشة و انشراحاً . منعنا أطفالنا مبكراً من
المحاولة والخطأ فحصدنا جيلاً مهزوزاً إلا ما رحم الله . البدايات المتعثرة لا
تُقلص حظوظ فرق كرة القدم في الفور بالدوري فحسب , بل تُقَلِّص حظوظ الوالدين
بالفور بابن مبدع , أو ابنة مبدعة .
يرى البروفسور سيدني ألتمان , عالم
الكيمياء الحيوية الأمريكي من أصل كندي , الفائز بجائزة نوبل في الكيمياء عام
1989, أن قمع الأطفال لا يجعل منهم أشخاصاً ناجحين . يقول (( إن القمع اللفظي و
الجسدي لا يصنع إبداعاً . الإبداع يحتاج إلى جناحين هما المبادرة , وعدم الخشية من
الوقوع في الخطأ . هل رأيتم طائراً يحلق بلا جناحين ؟!
هنا... محاولة لنقد بعض سلوكياتنا و
ظواهرنا الاجتماعية المعاصرة منذ أن سمع إلى (( كخة يا بابا )) صغاراً إلى كهولتنا
. حاولت أن أسلط الضوء على بعض الممارسات التي حولتنا إلى مجتمع محبط ويائس ولا
يجيد الفرح , وهي كتابات دونتها عامي 2004 و 2010
أتمنى لكم قراءة ماتعة وشيقة ترسم الأبتسامة
على شفاهكم وتدخل السرور إلى صدوركم .
من كتاب كِخّه يَا بَابَا عبدالله المغلوث دار مدارك للنشر الطبعة 50
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق